باكستان: المؤتمر التاسع والعشرون لمنظمة الكفاح - حدث تاريخي

بحضور 2.183 مناضلا ومناضلة، افتتحت منظمة The Struggle [الكفاح: الفرع الباكستاني للتيار الماركسي الأممي]، يوم السبت، 20 مارس، أشغال مؤتمرها بدورة حول الأزمة الاقتصادية العالمية للنظام الرأسمالي، تلاها نقاش حول تأثير هذه الأزمة على باكستان، البلد المدمر بالحرب، والبطالة المتزايدة والهجمات الإرهابية. إن الانهيار الاقتصادي يتسبب في انتشار رهيب للبؤس بين صفوف الجماهير، مما يؤدي إلى ازدياد الاحتجاجات الاجتماعية.

انعقد المؤتمر التاسع والعشرون لمنظمة الكفاح في سياق أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية غير مسبوقة في تاريخ باكستان. يتسبب الانهيار الاقتصادي في انتشار رهيب للبؤس بين صفوف الجماهير، كما يسقط حوالي 20.000 شخص في لجة الفقر كل يوم. ويضاف إلى معدل البطالة الكبير، ارتفاع مهول في أسعار المواد الأساسية، والانقطاعات اليومية للكهرباء التي تغرق المدن والبلدات في ظلام دامس، يستمر أحيانا أكثر من عشرة ساعات.

لم يؤدي انتخاب حكومة حزب الشعب الباكستاني إلى أي تغيير في أوضاع الجماهير. في ظل قيادة زرداري اليمينية نهجت الحكومة سياسة من الاقتطاعات والخصخصة وتعميق تبعية البلد للإمبريالية الأمريكية، إضافة إلى المشاركة في الحرب الإجرامية في أفغانستان، التي تسببت في المزيد من القتل والتدمير والبؤس.

انعقد المؤتمر في قاعة أوان إقبال بلاهور. وقبل أسبوع من انعقاد المؤتمر، كانت لاهور قد تعرضت لثلاثة انفجارات عنيفة قتلت عشرات الأبرياء إضافة إلى بعض رجال الشرطة والجيش. يحدث الآن في باكستان عدد أكبر من الهجمات الإرهابية مما يحدث في العراق، والأوضاع تزداد سوءا باستمرار. لهذا كانت الإجراءات الأمنية خلال المؤتمر دقيقة، مع عدد كبير من الرفاق في اللجنة التنظيمية.

لقد شهدت مؤتمرات المنظمة طيلة السنوات الأخيرة حضورا كبيرا، إلا أن عدد الحضور هذه السنة فاق كل الأرقام المسجلة سابقا. فقد كان عدد الحاضرين خلال يومي المؤتمر 2.183 مؤتمرا. ومنذ اليوم الأول شغلت جميع المقاعد، وتوجب على عدد من المؤتمرين أن يظلوا واقفين أو يجلسوا في الممرات. وما يزيد من أهمية هذا الواقع هو الارتفاع المهول الذي عرفته أثمان تذاكر القطار، مما جعل تكاليف السفر أعلى مما كانت عليه في الماضي.

لقد تسبب ارتفاع تكاليف السفر بدون شك في تقليص عدد الحاضرين، كما ساهم في ذلك أيضا خطر التفجيرات الإرهابية. وبينما تعمل باقي الأحزاب السياسية والمنظمات الغير حكومية في باكستان على دفع المال لأعضائها لكي يلتحقوا باجتماعاتها ومؤتمراتها، فإنه يتوجب على الرفاق والرفيقات مناضلي ومناضلات منظمة الكفاح أن يتدبروا المال للقدوم إلى لاهور لحضور المؤتمر. إضافة إلى هذا كان العديد من المناضلين الطلاب مشغولين بالامتحانات. ولولا هذه المشاكل لكان عدد الحضور أكبر بكثير.

فيما يخص التغذية، وخلال الأيام التي سبقت انعقاد المؤتمر، بدأت أكياس من الأرز والدقيق وقنينات الزيت، تصل من القرى حيث قدم المتعاطفون هناك كل ما استطاعوا تقديمه من أجل توفير التغذية للمؤتمرين والزوار. يعتبر توفير التغذية والمؤن لهذا العدد الكبير من الأشخاص عملا صعبا حتى بالنسبة للرفاق في البلدان المتقدمة، أما في باكستان فهي مهمة أقرب إلى المعجزة.

افتتاح المؤتمر

على الساعة التاسعة والنصف بدأ المؤتمرون يتوافدون داخل القاعة، بعد المرور من عملية تفتيش أمنية دقيقة. كان الجو السائد حماسيا. وقد حضر المؤتمر مناضلات ومناضلون من جميع مناطق وأقاليم باكستان: كاراتشي، والسند، وبالوشيستان، والبنجاب (الشمالية والجنوبية والوسطى)، وكشمير، وباختونخوا (المعروفة سابقا بالحدود الشمالية الغربية)، بل وحتى من المناطق القبلية (وزيرستان، ود، أ خان) حيث تدور حرب طاحنة بين طالبان والجيش الباكستاني.

ومثلما كان عليه الحال في السنوات السابقة، حضر المؤتمر مزيج رائع من الشباب والنقابيين. إذ حضر رفاق من مصنع كاراتشي للصلب وشركة كاراتشي للكهرباء، الذين تصلبوا في النضال ضد الحركة القومية المتحدة (MQM) الفاشستية. كان هؤلاء العمال قد تعرضوا لهجمات إرهابية وعمليات اغتيال نظمها أرباب العمل ورجال المافيا، كما واجهوا نزاعات طائفية بين مختلف المجموعات الدينية والقومية، والعديد من المشاكل الأخرى. إلا أن كاراتشي تظل مفتاح الثورة الاشتراكية في باكستان. إنها تحتل نفس الموقع الاستراتيجي الذي كانت بتروغراد تحتله في الثورة الروسية.

تنوع الأزياء التي كان المؤتمرون يرتدونها دليل على حضور مختلف القوميات. وقد كانت النساء (95 رفيقة بين الحضور) على الخصوص يرتدين ملابس متنوعة. كان بعض الحاضرين ذوو ملامح شرقية من القومية المنغولية، وكان هناك شباب ثوري من كشمير وفلاحون من السند، وبالوشيستان، وبنجابيون وباشتونيون ومن منطقة القبائل بالشمال.

لكن وبدل الصراعات القومية كان الشعور السائد في المؤتمر هو الوحدة الرفاقية والتضامن الثوري. كان الجو حماسيا، وصدحت قاعة المؤتمر بالأغاني والشعارات. وكما هي العادة دائما، قبل افتتاح الجلسة الرسمية، صعد عدد من الرفاق إلى المنصة لتقديم أغاني وقصائد ثورية. ومع الساعة 10:30 افتتحت الأشغال الرسمية للمؤتمر من طرف الرفيقة ريحانة من كشمير والمسئولة عن العمل بين النساء.

قبل بداية الجلسة الأولى، شاهد المؤتمرون شريط فيديو لرسائل الدعم والتضامن الموجهة إلى المؤتمر من مناضلين ماركسيين قياديين من مختلف البلدان: الولايات المتحدة، والمكسيك، وفنزويلا، والبرازيل (الرفيق سيرج غولار)، وبوليفيا، وفرنسا، والدنمارك، وبريطانيا. وقد بينت الحفاوة التي استقبل بها المؤتمرون تلك الرسائل عن القناعة الراسخة للماركسيين الباكستانيين بمبادئ الأممية البروليتارية وبالتيار الماركسي الأممي.

منظورات عالمية

كانت الجلسة الأولى، والتي قدمها الرفيق آلان وودز باسم التيار الماركسي الأممي، حول المنظورات العالمية. في خطابه شرح الرفيق آلان أن الأزمة الحالية هي أكثر الأزمات التي شهدتها الرأسمالية خطورة، ليس فقط منذ الحرب العالمية الثانية، بل ربما في كل تاريخها. لقد انفضح إفلاس ما يسمى باقتصاد السوق الحرة لأنه لا يواصل البقاء إلا بفضل مساعدات الدولة. لقد تم ضخ ملايير الدولارات في جيوب الأغنياء، بينما تقول الحكومات للفقراء إنه لا يوجد ما يكفي من المال لبناء المدارس والمنازل والمستشفيات أو تقديم المعاشات.

آلان وودز  يقدم المنظورات العالميةآلان وودز يقدم المنظورات العالمية من الأمثلة التي تؤكد طفيلية النظام الرأسمالي، تلك الأرقام التي نشرت عن أكبر الأثرياء، والتي تبين أن ذلك المسلسل الذي أطلق عليه ماركس اسم تركز الرأسمال، قد وصل مستويات غير مسبوقة. ليس صحيحا القول بأن الانقسام الحقيقي يوجد بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة، فأغنى رجل في العالم ليس هو الأمريكي بيل غيتس بل المكسيكي كارلوس سليم، الذي يمتلك ثروة شخصية تساوي 53,5 مليار دولار، والتي شهدت خلال السنة الماضية ارتفاعا بـ 18,5 مليار دولار. بينما يمتلك بيل غيتس حوالي 53 مليار دولار "فقط".

هناك عدد من كبار أصحاب الملايير في البلدان الفقيرة، من أمثال الملياردير الهندي، موكيش أباني، الذي يمتلك ثروة تساوي 29 مليار دولار، والملياردير الهندي الآخر، لاكشمي ميتاي، الذي يمتلك ثروة تساوي 28,7 مليار دولار. لقد تمكنوا من تحقيق هذه الثروات الفاحشة من خلال استغلال النفط والصلب، بينما لا يمتلك ملايين الهنود الفقراء ما يكفي لسد الرمق ولا الحق في الماء الصالح للشرب، أو التعليم أو الخدمات الصحية. وأضاف الرفيق آلان وودز أن باكستان بدورها لا تخلو من عدد من الطفيليين الأثرياء، مشيرا إلى وجود اسم باكستاني واحد على الأقل في تلك القائمة.

شرح آلان أن الرأسماليين لم يتمكنوا من الخروج من الأزمة إلا بضخهم لمبالغ هائلة من الأموال في صناديق الأبناك والشركات الخاصة. لكن هذا لن يعمل سوى على خلق مشاكل جديدة وعويصة. إذ سوف يتوجب أداء القروض العمومية الغير مسبوقة، والذين سوف يؤدونها ليس الأغنياء بل الفقراء. إن الأزمة التي شهدتها الرأسمالية اليونانية لم تكن سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد. وقد أدت محاولات تحميل العمال اليونانيين ثمن الأزمة إلى اندلاع العديد من الإضرابات العامة والمظاهرات الجماهيرية العارمة. وقال إن بلدانا أخرى سوف تسير على نفس النهج، مما سيؤدي إلى ارتفاع شامل في حدة الصراع الطبقي.

وبعدما انتقل إلى نقاش العلاقات الدولية، أشار آلان وودز إلى أن الإمبريالية الأمريكية تورطت في حرب لا يمكن كسبها في أفغانستان. وسوف يتوجب عليهم الخروج من العراق، لكن كل ما تمكنوا من تحقيقه هو ضرب توازن منطقة الشرق الأوسط. يعتبر أوباما رمز للعجز، حتى أن نتانياهو تجرأ على تحديه بشكل صريح فيما يخص القضية الفلسطينية. لقد أدت الحرب في أفغانستان إلى خلق الاضطرابات في باكستان، وآسيا الوسطى أيضا.

إن الإمكانيات الثورية، بالرغم من كل شيء، تنضج بشكل مستمر. وقد ظهر هذا من خلال الأحداث الدرامية التي شهدتها إيران، حيث خرج ملايين الأشخاص إلى الشوارع ليتحدوا نظام الملالي الرجعي.

وأشار آلان وودز إلى أن الحكومات تحاول إلقاء كل ثقل الأزمة على كاهل الجماهير. إذ بعد أن قدمت ملايير الدولارات لأصحاب الأبناك، ها هي الآن تقدم الفاتورة للفقراء. ويحدث هذا في باكستان أيضا، حيث تقدم 50% من كل الثروات، التي خلقها العمال والفلاحين الباكستانيين بعرقهم وجهدهم، للأبناك الأجنبية في إطار ما يسمى بأداء الديون، إضافة إلى تقديم 28% أخرى للجيش. وقال: «لا يترك هذا سوى 12% للصحة والتعليم والبنية التحتية. وها هم الآن يريدون الاقتطاع حتى من هذا!»

وقد تحدث الرفيق آلان وودز بطريقة ساخرة عن هؤلاء الصحفيين الذين كتبوا قائلين إنه علينا أن نتوقف عن الاحتجاج على انقطاع الكهرباء، لأننا نمتلك نظاما ديمقراطيا. وقال: «هذا ليس انقطاعا عاديا للكهرباء، بل هو انقطاع ديمقراطي للكهرباء»، مما أثار ضحكا في القاعة. وأضاف: «كما أن ارتفاع الأسعار ليس ارتفاعا عاديا في الأسعار، بل هو ارتفاع ديمقراطي في الأسعار. وعندما تحتج الجماهير في شوارع إسلام أباد، يواجهون بالبوليس الذين يطلقون عليهم رصاصا مطاطيا ديمقراطيا؛ وتلهب عيونهم قنابل غاز ديمقراطية، ويجرحون بطلقات ديمقراطية

وأضاف آلان وودز قائلا: نعم إن هذا نظام ديمقراطي بالنسبة لهؤلاء الذين يختالون بسياراتهم الفارهة في شوارع إسلام أباد. لكن بالنسبة للعمال والفلاحين، الذين يصارعون من أجل البقاء، فإن الديمقراطية تعني: روتي، كوبرا، أور ماكان (الخبز والملبس والمأوى)، وهو ما استقبل بتصفيق حماسي.

النقاش والردود

كانت هناك دورة للأسئلة والمداخلات، حيث استمع المؤتمر باهتمام عظيم لخطاب الرفيق إيمانويل توماسيللي، عن المنظمة الماركسية Der Funke [الشرارة، الفرع النمساوي للتيار الماركسي الأممي -المترجم-] ومداخلة الرفيق حميد خان (من كويتا)، ومعظم قاسمي، عن الفرع الألماني للتيار الماركسي الأممي. قال حميد خان إن الثورة في إيران تسير إلى الأمام وسيكون لها تأثير كبير على باكستان.

شرح الرفيق إيمانويل توماسيللي أن الرأسمالية نظام مفلس، حيث أنه لا يعمل فقط على استغلال العمال نساء ورجالا، بل يحتاج أيضا إلى مساهماتهم المالية لأداء تلك المبالغ الهائلة من الأموال التي صبت في صناديق الأبناك لإنقاذها من الانهيار. وقال إن المجتمعات التي تدمر ثروات البلدان من أجل الحفاظ على نظام إنتاجي معين، هي مجتمعات مفلسة ويجب إلقائها في مزبلة التاريخ.

حتى المآسي البشرية من قبيل زلزال هايتي تستغل من أجل أهداف عسكرية إستراتيجية لمحاصرة تأثير الثورتين الفنزويلية والكوبية في أمريكا اللاتينية، حيث سار المسلسل الثوري إلى أبعد مما سار عليه في أي مكان آخر. وأشار إلى تأثيرات الأزمة على ظروف عيش الطبقة العاملة والتأثيرات التي ستكون لها على المنظمات الجماهيرية للطبقة العاملة، والتي ستنقلب رأسا على عقب.

وشرح أن المناضلين الماركسيين بأوروبا يقفون على عتبة نضالات اقتصادية وسياسية هائلة للطبقة العاملة داخل البلدان الإمبريالية. وسوف ينعكس هذا الوضع سياسيا في صعود الأحزاب الشيوعية واليسارية، وفي ظهور تيارات يسارية جماهيرية بين صفوف الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية. وأنهى كلامه بالقول: «جميع النظريات السياسية في أزمة، ما عدا النظرية الماركسية الثورية، ونحن جميعا متفائلون. يجب علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لكي نكون مستعدين لخوض المعارك القادمة.»

وفي رده، أجاب الرفيق آلان وودز عن بعض من الأسئلة الكثيرة التي طرحت عليه. وبخصوص السؤال عن حزب الشعب الباكستاني قال آلان إنه يوجد حزبان لا حزب واحد: حزب الشعب الباكستاني التابع للبيروقراطيين والوصوليين الفاسدين، وحزب الشعب الباكستاني التابع لملايين العمال والفلاحين المضطهدين الذين صوتوا له من أجل تغيير المجتمع: «ونحن نقف في معسكر هؤلاء الأخيرين، ونعارض بحزم الأولين. سوف نشارك في كل الاحتجاجات والنضالات من أجل تحقيق مستويات عيش جيدة للعمال، وسنكافح من أجل إعطاء تلك النضالات مضمونا اشتراكيا ثوريا.»

وفي الأخير، قدم آلان تقريرا عن القرار التاريخي الذي اتخذته اللجنة التنفيذية الأممية للتيار الماركسي الأممي بخصوص تأييد خلق الأممية الخامسة. وقد طرح هذا القرار للتصويت وصودق عليه بالإجماع، واختتمت الجلسة الأولى بتصفيق حماسي.

الجلسة الثانية

بعد استراحة الغذاء انعقدت الجلسة الثانية حول المنظورات الباكستانية، والتي قبلها قام المغني الباكستاني الشهير جواد أحمد بغناء نشيد الأممية بالترجمة الأردية التي أعدها بنفسه. وقف كل المؤتمرين لترديد البيت الأخير من النشيد بروح ثورية حماسية. لقد كانت لحظة عاطفية، تلاها ترديد شعار: إنقلاب، إنقلاب، سوسياليست إنقلاب! (الثورة، الثورة، الثورة الاشتراكية!)

الرفيق باراس  جان يقدم المنظورات الباكستانيةالرفيق باراس جان يقدم المنظورات الباكستانية الجلسة الثانية حول المنظورات الباكستانية، قدم لها الرفيق باراس جان، الذي بدأ بالتأكيد على تأثيرات أزمة الرأسمالية العالمية في باكستان. تستخدم الحكومة مبرر "الحرب ضد الإرهاب" لتبرير الهجمات ضد مستويات عيش الجماهير. وأدان الرفيق باراس الرابطة الإسلامية الرجعية بزعامة نواز شريف، إلا أنه أشار أيضا إلى الانحطاط التام لقيادة حزب الشعب الباكستاني، التي استسلمت بشكل كلي للرأسمالية والإمبريالية.

أشار الرفيق باراس إلى عمق التناقضات داخل الدولة البرجوازية الباكستانية، والصراع بين قطاعات من القوات المسلحة والمخابرات. وأكد على الدور الثوري للشباب، والعمال منهم على وجه الخصوص. وأشار إلى عدد من الإضرابات والمظاهرات التي اندلعت خلال السنة الأخيرة بالرغم من الظروف القاسية. وحتى في بانو، في وسط باختونخوا المدمر بالحرب، انخرط العمال في حركة الإضرابات. ولقد قامت حملة الدفاع عن النقابة الباكستانية بعمل رائع وصار لها صدى عظيما. لقد عم السخط كل مكان، وحتى في المناطق التي تشهد المواجهات، من قبيل بالوشيستان و باختونخوا، صار الناس منفتحين على الأفكار الثورية.

خلال النقاش كانت هناك مداخلات من رفاق قادمين من بالوشيستان، وكشمير، وباختونخوا، والسند. وقد قدم المؤتمرون تحية خاصة للرفيق أمجد شاهسوار، رئيس الفدرالية الوطنية لطلاب جامو كشمير (JKSNF)، التي تعتبر أكبر منظمة شبابية في كشمير، والتي يقودها تيارنا. وقد أكد على أن الحل الوحيد لمشكل كشمير هو الثورة الاشتراكية في كشمير والهند وباكستان: "والقوة الوحيدة القادرة على تحقيق هذه الثورة موجودة في هذه القاعة!"

وأخذ الكلمة الرفيق فضل القدير، قائد نقابة عمال السكك الحديدية من بيشاور، فهاجم النظرية الستالينية حول الثورة عبر المراحل، التي أدت إلى هزيمة ثورة 1968- 1969، ومن ثم مباشرة إلى دكتاتورية ضياء الحق. ومنذ ذلك الحين والعمال يؤدون الثمن.

الرفيق لال  خان يقدم خلاصات النقاش حول باكستان الرفيق لال خان يقدم خلاصات النقاش حول باكستان وفي التعقيب على النقاش، قال الرفيق لال خان، قائد منظمة الكفاح، الفرع الباكستاني للتيار الماركسي الأممي، إنه ليس الاقتصاد وحده الذي يعيش أزمة في باكستان، بل حتى القاعدة الإيديولوجية التي قام عليها التقسيم. جميع التقسيمات المصطنعة التي شقت كل القوميات هي تقسيمات رجعية، بما في ذلك خط دوراند الحدودي (the Durand Line)، الذي رفض من طرف الشعب البشتوني. إن الحل قدمته الثورة الروسية التي وحدت الشعوب المضطهدة من مختلف القوميات على أساس برنامج الثورة الاشتراكية.

«ما الذي قدمته باكستان للشعب منذ التقسيم؟ فقط ما بين 15% و20% من السكان هم من يشتغلون ضمن الاقتصاد الرسمي "الأبيض". والحد الأدنى الرسمي للأجور ليس كافيا للعيش، إنه بالكاد يكفي لسد الرمق. والآن صارت الأوضاع أكثر سوءا، مع الانقطاعات الدائمة في الكهرباء والغاز، وما إلى ذلك. إن ظروف العيش غير محتملة. كل هذا وقادة حزب الشعب الباكستاني ما يزالون يتحدثون عن المصالحة الوطنية!

«أكثر من نصف الاستثمارات الصناعية في باكستان في يد الجنرالات. ويتعرض البلد لتخريب صناعاته. وفي نفس الآن تتعمق سيطرة الإمبريالية الأمريكية عليه. لقد قادتنا السياسة الكارثية المسماة بسياسة الدفاع، إلى الحرب في أفغانستان. كما أدت إلى ازدهار رهيب لتجارة المخدرات والإرهاب، وانتعاش كبير للاقتصاد الأسود وتفكك الدولة والمجتمع.

«إن الديمقراطية التي نناضل من أجلها ليست هي الديمقراطية البورجوازية المزيفة، بل ديمقراطية مجالس العمال الحقيقية، المبنية على أساس حكم الطبقة العاملة. إن الطريقة الوحيدة لإجبار حزب الشعب الباكستاني على تغيير مساره هو توجيه نقد لا هوادة فيه لزرداري وسياساته وقيادة نضال الجماهير ضد الخصخصة وللدفاع عن مناصب الشغل وظروف عيش أفضل.

«إننا نرفض نظرية الثورة عبر مرحلتين الستالينية، القائمة على الفصل بين النضال من أجل الديمقراطية والنضال من أجل الاشتراكية. في الواقع لم يعد الستالينيون الباكستانيون يتبنون نظرية مرحلتين، بل فقط مرحلة واحدة، إذ نسوا كل شيء عن الاشتراكية! (ضحك في القاعة)

وأضاف قائلا: «توصف باكستان بكونها مجتمعا إسلاميا متدينا، لكن في الواقع أغلب الباكستانيين يكرهون الأصوليين. إننا نناضل ضد الأصوليين والإمبرياليين. الرفيق علي وزير موجود هنا في هذه القاعة، لكن خمسة وعشرين رفيقا آخرا من [منطقة القبائل] وزيرستان لم يتمكنوا من الحضور معنا لأن الجيش قطع المواصلات ومنعهم [وصل هؤلاء الرفاق في اليوم الثاني]»

وفي ختام الجلسة، وجه الرفيق لال خان نقدا حادا لمحاولات أعداء الحركة الماركسية التقليل من أهمية الإنجازات التي حققتها منظمة الكفاح والأكاذيب التي نشروها عن هذا المؤتمر. وبعد أن أشار إلى الحضور الكثيف، الذي ملأ كل جوانب هذه القاعة الواسعة، حيث بقي بعض المؤتمرين واقفين أو جالسين في الممرات، أطلق تحديا في وجه المرتدين وأعداء الماركسية:

«أقول لهؤلاء الناس: تعالوا وانظروا بأنفسكم! [ضحك وتصفيق] تعالوا إلى هنا وألقوا نظرة! احسبوا عدد الحاضرات والحاضرين! وبعد ذلك قولوا لنا إنه ليس مؤتمرا عماليا! تعالوا إلى هنا واسألوا الحاضرين عما يعتقدون، فسيجيبونكم بصوت واحد: صوت الماركسية الثورية!»

تلقى الحاضرون كلمات لال خان هذه بالترحيب ووقفوا يصفقون وينشدون شعارات ثورية. عند ذلك انقسم المؤتمرون إلى ثلاثة مجموعات، ورشة حول العمل النقابي وورشة حول الشباب وورشة حول النساء.

يتبع...