مئات القتلى في قصف على مستشفى في غزة: انتفضوا ضد حملة القتل الإسرائيلية!

قتل المئات يوم أمس [17/10/2023]، في قصف على مستشفى الأهلي العربي في حي الزيتون بمدينة غزة. لم يكن المستشفى يعتني بمرضاه فقط -والذين أصيب العديد منهم جراء الغارات الجوية الإسرائيلية- بل كان يؤوي أيضا الآلاف من الباحثين عن الأمان فرارا من هجمات الجيش الإسرائيلي. ومع انتشار الخبر، خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين الغاضبين على الفور إلى الشوارع في لبنان والأردن وتركيا وتونس والضفة الغربية، وهاجموا السفارات الإسرائيلية ومباني الإمبريالية الأمريكية والفرنسية. وتم الآن إلغاء القمة التي كان من المزمع عقدها بين القادة العرب وبايدن في الأردن.

[Source]

وكما هي العادة في مثل هذه الحالات، سارعت الدولة الإسرائيلية إلى نفي أي مسؤولية عنها. في البداية ألقت باللوم على صاروخ معطل لحماس. ثم غيرت قصتها وألقت اللوم على منظمة الجهاد الإسلامي. وذهبت آلة البروباغاندا الإسرائيلية إلى أبعد الحدود، حيث بدأت تقدم كل أنواع “الأدلة” للنأي بنفسها عن المذبحة الرهيبة. لقد سبق لنا أن رأينا مثل هذا من قبل. هذا، في الواقع، هو أسلوب العمل الذي تلتزم به الدولة الإسرائيلية عندما تحاول التقليل من التداعيات بعد ارتكابها لعمل وحشي قاس بشكل خاص ضد الفلسطينيين.

تاريخ من الأكاذيب

دعونا نعطي مثالا واحدا حديثا نسبيا. ففي ماي 2022، قُتلت الصحفية الفلسطينية الأمريكية، شيرين أبو عاقلة، أثناء تغطيتها لغارة للجيش الإسرائيلي على مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية. في البداية نفت إسرائيل أي معرفة لها بالحادث أو تورطها فيه. ثم زعموا أن الصحفية قُتلت بنيران مسلح فلسطيني. لم يكن ذلك متناسبا مع الحقائق، لذا غيروا قصتهم وقالوا إن شيرين قُتلت في “حادث مأساوي” لتبادل لإطلاق النار بين مسلحين فلسطينيين وجنود إسرائيليين. لكنه لم يكن هناك أي مسلحين فلسطينيين على خط النار في الوقت الذي قُتلت فيه. وأخيرا ثبت، بما لا يدع مجالا للشك، أنها قتلت برصاص قناص إسرائيلي تعمد استهدافها، على الرغم من أنها كانت ترتدي سترة مكتوب عليها بوضوح عبارة “صحافة”ً. ولم يتم تقديم أي شخص إلى العدالة بسبب مقتلها.

ولزيادة الطين بلة، قامت قوات الأمن الإسرائيلية، في يوم جنازتها، بمداهمة منزل عائلة الصحفية المقتولة لمصادرة الأعلام الفلسطينية ومنع رفعها أثناء الجنازة. ولم يكتفوا بذلك، بل هاجموا حاملي النعش في موكب الجنازة، وكادوا أن يجبروهم على إسقاط التابوت.

ولدينا مثال حديث آخر، وهو أقرب إلى ما حدث بالأمس. في غشت 2022، استهدفت غارة جوية إسرائيلية مخيم جباليا للاجئين في غزة، مما أسفر عن مقتل خمسة أطفال. وكان أول رد فعل لإسرائيل هو القول…انتظروا… إنهم قتلوا بصاروخ معطل للجهاد الإسلامي! وبعد أسبوع، اضطروا للاعتراف بالحقيقة. لم يتم إطلاق أي صاروخ للجهاد الإسلامي على المنطقة. وقد قُتل الأطفال الفلسطينيون الخمسة في غارة جوية شنتها القوات الجوية الإسرائيلية.

ولنأخذ مثالا آخر من التاريخ، ففي عام 1996، استهدفت إسرائيل، بشكل متعمد، مجمعا للأمم المتحدة، في قانا بلبنان، بضربة صاروخية. وكان مجمع الأمم المتحدة يؤوي مدنيين من الهجمات الإسرائيلية. قُتل في الهجوم 106 أشخاص، من بينهم 52 طفلا. وكان هذا تقرير روبرت فيسك:

«لم أر منذ صبرا وشاتيلا [عندما قتلت الكتائب اللبنانية آلاف المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين الشيعة في عام 1982] الأبرياء يذبحون بهذه الطريقة. كان اللاجئون اللبنانيون من النساء والأطفال والرجال يرقدون في أكوام، وكانت أيديهم أو أذرعهم أو أرجلهم مفقودة، أو مقطوعي الرأس أو منزوعي الأحشاء. كان هناك أكثر من مائة منهم. كان هناك رضيع يرقد بلا رأس. لقد اخترقتهم القذائف الإسرائيلية وهم في ملجأ للأمم المتحدة، معتقدين أنهم آمنون تحت حماية العالم».

في البداية ادعت إسرائيل أنه حدث خطأ في الاستهداف. ثم ألقت باللوم على حزب الله في “استخدام المدنيين كدروع بشرية”. وفي نهاية المطاف، توصلت التحقيقات الشاملة، التي أجرتها الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية والصحف الإسرائيلية، إلى أن الجيش الإسرائيلي استهدف المجمع بشكل متعمد.

القصة الإسرائيلية عن قصف المستشفى الأهلي العربي مليئة بالثغرات. ومباشرة بعد أن نشروا قصة “صاروخ الجهاد الإسلامي المعطل”، أشار الصحفي المستقل، سيموس مالكافزالي، إلى أن أحد مقاطع الفيديو التي استخدمها المتحدثون الإسرائيليون لدعم ادعائهم بشأن تعرض المستشفى للقصف، قد تم تصويره بعد تعرض المستشفى للقصف بمدة تتراوح بين نصف ساعة وساعة. وهو ما أجبر الحسابات الرسمية الإسرائيلية على حذف تغريداتها أو تعديلها وفقا لذلك. لقد كانوا يكذبون وتم القبض عليهم متلبسين.

مباشرة بعد وقوع الهجوم، قدمت عدد من المصادر الإسرائيلية، الرسمية وشبه الرسمية، تفسيرات مختلفة تماما، حيث أعلنت في بعض الحالات المسؤولية عن الهجوم وحاولت تبريره. قال حنانيا نفتالي، الذي عمل مستشارا إعلاميا لنتنياهو، إن غارة الجيش الإسرائيلي كانت تستهدف قاعدة لحماس داخل المستشفى. ثم أُجبر على حذف المنشور وتقديم “اعتذار”.

ولم يكن الوحيد الذي حاول تبرير الغارات الجوية على المستشفيات على أساس أن حماس تستخدمها كقواعد عسكرية. إذ قالت نائبة السكرتير الصحفي للبنتاغون، سابرينا سينغ، إن حماس «تضع وحدات القيادة والتحكم الخاصة بها داخل المستشفيات»، وهو ادعاء ملفق بالكامل. وكانت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) بدورها قد نشرت في اليوم السابق مقالا طرح السؤال الملغوم التالي: “هل تقوم حماس ببناء أنفاق تحت المستشفيات والمدارس؟”. وبذلك قدمت مبررا لقصف المستشفيات والمدارس من قبل الدولة الإسرائيلية.

ما نعرفه في الواقع هو ما يلي: يقوم الجيش الإسرائيلي، منذ عشرة أيام، بقصف غزة بلا هوادة. حتى أنهم، في الواقع، قد استخدموا في الأسبوع الأول قنابل أكثر مما استخدمته القوات الأمريكية الغازية في أفغانستان طيلة عام كامل. غزة منطقة ذات كثافة سكانية عالية، لذلك فقد قُتل مئات المدنيين الأبرياء، بمن في ذلك أكثر من 800 طفل حسب آخر إحصاء، مع الاشتباه في أن العديد ما يزالون تحت الأنقاض. لا يوجد “استهداف دقيق” في هذه الحملة. إنها حملة تهدف إلى بث الرعب في قلوب 2,3 مليون شخص.

وإلى حدود يوم أمس، تعرض 17 مستشفى ومنشأة صحية للقصف الجوي الإسرائيلي. وفي نفس يوم الهجوم المميت على المستشفى، تعرضت مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة للاجئين، في مخيم المغازي للاجئين في وسط غزة، لغارة جوية إسرائيلية، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص على الأقل، بمن في ذلك موظفو الأونروا، وإصابة العشرات والتسبب للمبنى في أضرار هيكلية فادحة. كانت المدرسة تستخدم كمأوى للفلسطينيين الذين نزحوا بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، معتقدين أن الجيش الإسرائيلي لن يضرب منشأة تابعة للأمم المتحدة، لأنه لديه الإحداثيات الخاصة بها جميعها. لقد كانوا مخطئين، مخطئين بشكل مأساوي.

القتل الجماعي مستمر

وحتى بعد المذبحة التي وقعت في المستشفى، واصلت إسرائيل قصف غزة وسكانها بالغارات الجوية. بدون توقف ولا حتى استراحة. وقتل اثنان في قصف لمخبز في مخيم النصيرات للاجئين قرب دير البلح. ما هو المنطق وراء ضرب هذا الهدف؟ إن إسرائيل تحاصر غزة بالفعل، لذا لا يمكن إدخال الغذاء أو الإمدادات. لذا فإن تدمير وسائل صنع الخبز سيجبر سكان غزة على الخروج من شمال القطاع، كما أمرتهم بذلك الدولة الإسرائيلية.

وفي وقت مبكر من صباح اليوم، قُتل 25 شخصا، رجالا ونساء وأطفالا، في غارة جوية على منزل عائلة الأسطل. كان العديد منهم أفرادا من عائلة واحدة، بينما كان الآخرون قد نزحوا من منازلهم بسبب الغارات الجوية السابقة.

ونعلم أيضا أن إسرائيل قد أمرت جميع سكان شمال غزة بالنزوح إلى الجنوب، وتضمن ذلك الأمر تعليمات محددة بإخلاء المستشفيات. نحن نعرف ذلك لأن منظمة الصحة العالمية أخبرتنا أن: «المستشفى كان واحدا من 20 مستشفى في شمال قطاع غزة تلقت أوامر الإخلاء من جانب الجيش الإسرائيلي. وقد كان من المستحيل تنفيذ أمر الإخلاء نظرا لانعدام الأمن حاليا، والحالة الحرجة للعديد من المرضى، ونقص سيارات الإسعاف والموظفين والأسرة والمأوى البديل للنازحين».

ليس هذا فحسب، بل كان المستشفى الأهلي العربي قد تعرض بالفعل لقصف جوي إسرائيلي يوم السبت! وجاء في بيان للخدمة الإخبارية الأنجليكانية: «تعرض مركز تشخيص علاج السرطان، التابع للمستشفى الأهلي العربي في غزة، لصاروخ إسرائيلي. وتعرض طابقان علويان للمركز، يضمان أجنحة الموجات فوق الصوتية والتصوير الشعاعي للثدي، لأضرار بالغة».

في صباح يوم الهجوم، أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرا خاصا لسكان منطقة الزيتون حيث يقع المستشفى. وكان رئيس قسم الإعلام العربي الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، قد هدد قائلا: «رسالة إلى سكان حي الزيتون. تعلمون أن الحي مزدحم ومليء بأوكار حماس. لذلك، فحفاظا على سلامتكم وسلامة عائلاتكم وأحبائكم، توجهوا إلى جنوب وادي غزة».

كل الدلائل تشير إلى مسؤولية إسرائيل عن هذه المجزرة المروعة. وهذا أيضا ما خلصت إليه يولاندا ألفاريز، المراسلة السابقة في الشرق الأوسط لهيئة الإذاعة الوطنية الإسبانية RTVE، حيث قالت:

«فيما يتعلق بمجزرة المستشفى الأهلي، فإنه بعد أن غطيت حربين في غزة (2012 و2014)، هجمات إسرائيل وحدها التي يمكن أن تقتل مئات الأشخاص (بقنابل طن واحد). صواريخ حماس والجهاد تقتل أيضا، لكنها لا تملك هذه القدرة. عندما شن الجيش الإسرائيلي أول هجوم مميت له على مدرسة تابعة للأونروا في عام 2014، في بيت حانون بغزة، تلقيت رسالة نصية قصيرة من المتحدث باسم الجيش تقول: “لقد كانت حماس هي السبب”. لقد أظهر التحقيق المستقل الذي أجرته الأمم المتحدة أن جميع الهجمات على المدارس كانت من تنفيذ إسرائيل».

المعايير المزدوجة

من المثير للاشمئزاز رؤية النفاق والمعايير المزدوجة لوسائل الإعلام الغربية والقوى الإمبريالية عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان وما يسمى بالقانون الدولي. فإذا كان “الأصدقاء” هم الذين يرتكبون الفظائع، فإنهم يبحثون دائما عن مبرر (من قبيل: “حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية”)، أو يطالبون بإجراء تحقيق دقيق موسع قبل توجيه اللوم. ويتم اختراع كل أنواع المبررات، ويتحدثون عن “الأضرار الجانبية” للتستر على الحقيقة العارية المتمثلة في أن “الأصدقاء” يرتكبون كل أنواع الأعمال الوحشية ضد المدنيين الأبرياء سعيا لتحقيق أهدافهم الإمبريالية.

كم يختلف الأمر عن الإدانات الهستيرية التي ملأت الصفحات الأولى لجرائم الحرب والفظائع الروسية، سواء كانت حقيقية أو مختلقة أو مبالغ فيها إلى حد كبير، في أوكرانيا. لا يمكن للتناقض أن يكون أكثر وقاحة. كان الأمر آنذاك يتعلق بتشكيل موقف الرأي العام لدعم “الأصدقاء”، والآن أيضا يتعلق الأمر بتشكيل موقف الرأي العام لدعم “الأصدقاء”.

“السردية” الأخيرة التي روجت لها وسائل الإعلام الغربية وإسرائيل هي كما يلي: “أجل، نحن نقتل المدنيين، لكن هذا مبرر. ألم نقتل الكثير من المدنيين عندما كان الأمر يتعلق بإلحاق الهزيمة بالنازيين؟”. ليست هناك ولو حتى محاولة لإنكار مقتل مدنيين أبرياء في الغارات الجوية، بل يتعلق الأمر فقط بالبحث عن طريقة لتبرير ذلك.

البعض في إسرائيل لا يهتم حتى بإيجاد مبرر. إنهم يلقون اللوم علنا على شعب غزة بأكمله على تصرفات حماس ويدعون إلى العقاب الجماعي. قال الرئيس الإسرائيلي هرتزوغ: “إن المسؤولية تقع على أمة بأكملها”. وللتأكيد على هذه النقطة أضاف: “ليس صحيحا هذا الخطاب حول عدم علم المدنيين أو عدم تورطهم. هذا ليس صحيحا على الاطلاق. كان بإمكانهم أن ينتفضوا. كان بإمكانهم القتال ضد ذلك النظام الشرير الذي استولى على غزة بواسطة انقلاب”.

إن الفظائع الإسرائيلية، التي تمثل استمرارا لسبعين عاما من العنف والقمع، ليست مسؤولية الدولة الإسرائيلية وحدها، إذ أنها تمتعت، على مدى عقود، بالدعم الكامل من طرف الإمبريالية الغربية، والولايات المتحدة بشكل خاص. ولم يتراجع هذا الدعم خلال الأيام العشرة الأخيرة من المذبحة في غزة. لقد احتشد جميع القادة الإمبرياليين الغربيين علنا لدعم ما يسمى بـ”حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”. لذا فإن دماء المئات من ضحايا مستشفى غزة تلطخ أيديهم هم أيضا.

في الأيام الأخيرة، قبل التهديد بالهجوم البري على غزة، والذي لن يؤدي إلا إلى تشديد المذبحة، اصطف القادة الغربيون لزيارة إسرائيل والتأكيد علنا على دعمهم لحملتها الإجرامية: شولز، وفون دير لاين، وماكرون، والآن بايدن. وقد قامت كل من ألمانيا وفرنسا، لإظهار مدى ديمقراطيتهما، بحظر المظاهرات التضامنية مع فلسطين.

دخول الجماهير إلى المشهد

لقد أثارت المذبحة التي وقعت في المستشفى في غزة موجة هائلة من الاشمئزاز في مختلف أنحاء الشرق الأوسط والعالم العربي. لقد خرج الآلاف إلى شوارع بيروت وعمان واسطنبول وتونس، وعواصم أخرى، لمهاجمة المباني الدبلوماسية الإسرائيلية، لكنهم استهدفوا أيضا، وبحق، المصالح الأمريكية والفرنسية. ففي تركيا، توجه العشرات من المتظاهرين إلى قاعدة رادار تابعة للناتو، الذي تقوده الولايات المتحدة، في كورجيك وحاولوا اختراق مقرها.

وفي الخليل وجنين ورام الله ومدن وبلدات أخرى في الضفة الغربية، رددت حشود غاضبة شعار: “الشعب يريد إسقاط الرئيس”، في إشارة إلى رئيس السلطة الفلسطينية، عباس، الذي يعمل كعميل أمني محلي لصالح الدولة الإسرائيلية. اشتبكت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية مع المتظاهرين وفتحت النار عليهم، مما أدى إلى مقتل فتاة تبلغ من العمر 12 عاما.

إن الظروف مهيأة لاندلاع انتفاضة إقليمية ضد الإمبريالية الإسرائيلية والغربية. ويتوجه غضب الجماهير أيضا إلى حكامهم الذين تنظر إليهم، بحق، على أنهم متواطئون، سواء بسبب ما يفعلونه أو ما لا يفعلونه.

المزاج حاد إلى درجة أن وزير الخارجية الأردني أعلن إلغاء القمة بين بايدن وعباس وملكي الأردن والسعودية والتي كان من المقرر عقدها اليوم. لا يريد أي من هؤلاء القادة أن يُنظر إليه على أنه قريب من الإمبريالية الأمريكية، خوفا من خطر الإطاحة به على يد شعبه. وحتى الحكومات التي قامت بالفعل بتطبيع العلاقات مع إسرائيل اضطرت إلى إصدار إدانات قوية، وإلقاء اللوم على إسرائيل في التفجير.

فمن ناحية، ينوي بايدن، والإمبريالية الأمريكية، أن تكون الزيارة مناسبة لإظهار الدعم لإسرائيل، الحليف الذي لا يتبع بالضرورة أوامرهم. بينما يحاولون، من ناحية أخرى، فرض بعض الإشارات على الإسرائيليين، من أجل احتواء خطر تصعيد إقليمي للصراع. ومن الناحية العملية، ترى الإدارة الأمريكية أن دورها هو منع أي كان من التدخل بينما تواصل إسرائيل ارتكاب المذابح ضد الفلسطينيين.

كان الوضع معقدا أصلا من قبل، لأن الحكومة الإسرائيلية، التي تهيمن عليها عناصر يمينية متطرفة، لم تكن مستعدة لفتح أي ممرات إنسانية من أي نوع، وهي عازمة على ممارسة الانتقام من الفلسطينيين في غزة ككل. وبعد المذبحة التي وقعت في المستشفى، أصبحت استراتيجية واشنطن برمتها رمادا. الجماهير في الشرق الأوسط والعالم العربي قد بدأت تدخل المشهد.

الآن هو الوقت لتصعيد الحملة ضد حرب إسرائيل الإجرامية على غزة، وضد الإمبريالية الغربية، ومن أجل التحرر الوطني للشعب الفلسطيني. إن النضال من أجل الحقوق الوطنية الفلسطينية يتطلب انتفاضة ثورية في المنطقة بأسرها. مهمتنا، نحن الشيوعيون في الغرب، هي إظهار تضامننا مع الشعب الفلسطيني ودعمنا لنضاله، وتهيئة الظروف للإطاحة بالطبقات السائدة لدينا، المسؤولة والمتواطئة في جريمة القتل الجماعي التي تُرتكب حاليا.