منظورات عالمية: 2018 عام الأزمة الرأسمالية

لقد أدى الانهيار الانتخابي لكيرشنر في الأرجنتين، وهزيمة الحزب الاشتراكي الفنزويلي الموحد في انتخابات الجمعية الوطنية في فنزويلا، وهزيمة إيفو موراليس خلال الاستفتاء في بوليفيا، وإقالة ديلما في البرازيل، إلى غرق الإصلاحيين والمثقفين "التقدميين" بالقارة الأمريكية في اليأس. صاروا يتحدثون عن "موجة محافظة" وعن تقدم الثورة المضادة، دون أي فهم للسيرورات الحقيقية التي تحدث.

[Source]

كانت معظم أمريكا الجنوبية قد شهدت طيلة فترة امتدت ما بين 10 إلى 15 سنة، تصاعد موجة ثورية أثرت على بلدان مختلفة بدرجات مختلفة من الشدة. شهدنا انتخاب تشافيز في فنزويلا، عام 1998، والأحداث الثورية إثر هزيمة انقلاب أبريل 2002 والنضالات ضد إغلاقات أرباب العمل، في دجنبر 2002 ويناير 2003؛ والحراك الأرجنتيني عام 2001؛ والانتفاضة في الإكوادور عام 2000 التي أطاحت بجميل معوض، ثم لوسيو غوتيريز في عام 2005، مما أدى إلى انتخاب كورييا عام 2006؛ أما في بوليفيا فقد شهدنا "حرب المياه" في كوتشابامبا في 1999-2000، ثم انتفاضات حرب الغاز، في أكتوبر 2003 ويونيو 2005، التي أدت إلى انتخاب إيفو موراليس؛ وفي بيرو كانت هناك انتفاضة أريكويبازو في الجنوب عام 2002.

يمكن للمرء أن يضيف إلى ذلك تلك الحركة الهائلة التي اندلعت ضد التزوير الانتخابي في المكسيك عام 2006، وفي أواكساكا في نفس العام، إضافة إلى الحركة الضخمة والمستدامة للطلاب الشيليين، والتعبئة الجماهيرية في هندوراس ضد انقلاب عام 2009، بل وحتى انتخاب لولا في البرازيل عام 2002، الذي على الرغم من أنه ليس حدثا ثوريا في حد ذاته، فإنه يعكس رغبة الجماهير في إحداث تغيير جوهري.

وكنتيجة ثانوية لهذه الحركات الضخمة للعمال (والفلاحين في بعض البلدان) وصلت إلى السلطة عدد من الحكومات التي وصفت عموما بأنها "تقدمية" أو "ثورية". كانت حكومات مختلفة عن بعضها البعض بشكل واضح، فبينما كان تشافيز، على سبيل المثال، يتلمس طريقه، وإن بشكل مشوش، في اتجاه التغيير الثوري، كان إيفو موراليس وكوريا وكيرشنر يسعون إلى إعادة النظام بعد دخول الجماهير إلى المشهد، بينما كان لولا وديلما إصلاحيين في السلطة ينفذان برنامجا للإصلاحات المضادة. ولم يكن لدى اليسار في السلفادور أي مجال للمناورة تقريبا، وقد بدأ يتراجع عن بعض إصلاحاته المتواضعة، مما أثار خيبة الأمل في أوساط الجماهير في جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني، وهو المزاج الذي استغله، في المقام الأول، رئيس بلدية سان سلفادور، نايب بوكيلي، الذي كان قد طرد من الحزب ولديه تعاطف واسع بين الشباب.

ومع ذلك فقد تمتعت جميع تلك الحكومات بدرجة معينة من الاستقرار لفترة طويلة من الزمن. كان ذلك جزئيا نتيجة لقوة الحركة الجماهيرية، التي لم تستطع الطبقة الحاكمة هزيمتها في مواجهة مباشرة (حيث تعرضت الانقلابات التي نظمت في فنزويلا 2002 وبوليفيا 2008 والإكوادور 2010 للهزيمة). كما استفادت، قبل كل شيء، من فترة ارتفاع أسعار المواد الخام والنفط سمحت لهم بتنفيذ بعض البرامج الاجتماعية مع تجنب الصدام المباشر مع الجماهير.

بفعل النمو الاقتصادي في الصين ارتفعت أسعار المواد الخام بشكل مطرد ما بين عامي 2003 و2010. فقد ارتفعت أسعار النفط من 40 دولار للبرميل إلى أكثر من 100 دولار. وكان سعر الغاز الطبيعي حوالي 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية ($3/MMBtu)، فارتفع إلى ما بين 8 و18 دولار. كما قفزت أسعار فول الصوجا من 4 دولارات للبوشل إلى 17 دولار. وارتفع سعر الزنك من أقل من 750 دولار للطن إلى مستوى قياسي قدره 4600 دولار للطن، والنحاس من أقل من 0,60 دولار للرطل إلى 4,50 دولار، والقصدير من 3700 دولار للطن إلى 33000 دولار للطن.

لكن هذا الارتفاع في أسعار السلع ومصادر الطاقة، الذي أعطى لتلك الحكومات مجالا معينا للمناورة، وصل إلى نهايته وأدخل المنطقة بأكملها في حالة ركود في 2014-2015. هذا هو السبب الاقتصادي الأساسي للهزائم الانتخابية وغيرها من الأزمات التي تعرضت لها تلك الحكومات التي بقيت دائما في حدود الرأسمالية.

مع صعود الثورة الفنزويلية تمكنت كوبا من فترة رخاء اقتصادية نسبية. لكن ذلك وصل الآن إلى نهايته. ما يزال الاقتصاد الكوبي قائما على التخطيط، لكن الإصلاحات التي تم إدخالها فتحت مجالا أكبر للاقتصاد الرأسمالي، سمح بخلق الشركات الصغيرة فضلا عن محاولة واسعة النطاق لجذب الاستثمارات الخاصة. والهدف هو زيادة الإنتاجية باستخدام الأساليب الرأسمالية دون إدخال أي تدابير للرقابة العمالية. ما تزال العديد من المكتسبات الاجتماعية قائمة حتى اليوم، لكن نطاقها محدود بشكل متزايد، وتتقلص جودتها باستمرار. وهناك تمايز اجتماعي متنامي. إن هذا وضع خطير جدا. في هذا العام ستكون هناك انتخابات ستشهد لأول مرة صعود رئيس لا ينتمي إلى آل كاسترو ولا لأحد من القيادة التاريخية للثورة. سوف نرى هجمات وضغوطات من جانب اليمين الرأسمالي، الداخلي والخارجي، لكن سنرى أيضا رد فعل في الاتجاه المعاكس من جانب أولئك الذين لم يستفيدوا من تلك الإصلاحات ومن يريدون الدفاع عن الثورة الاشتراكية.

على الرغم من العويل البائس لـ "اليسار" الأمريكي اللاتيني، فإن سقوط كيرشنر في الأرجنتين وديلما في البرازيل لا يمكن أن يعزى إلى "تحول نحو اليمين". لقد شهد وصول كل من تامر وماكري إلى السلطة اندلاع حركات احتجاجية ضخمة للطبقة العاملة ضد سياسات الهجوم المباشر التي يطبقها اليمين. إن ما ينفتح أمامنا في أمريكا اللاتينية ليس فترة سلام اجتماعي واستقرار رأسمالي، بل انفجار تناقضات متصاعدة وصراع طبقي متزايد. لقد اتضح ذلك مع حركة التمرد في هندوراس، بعد انتخابات عام 2017. وقبل ذلك، في غواتيمالا، عام 2015، حيث فتح الصراع بين البرجوازيين الطريق أمام تحركات جماهيرية للشباب والمنظمات الفلاحية والطبقة العاملة. لم تنته هذه السيرورة بعد. وفي عام 2017 شهدنا إضرابا عاما يطالب باستقالة الرئيس خيمي موراليس و107 من أعضاء البرلمان. ستسير على نفس الطريق بلدان أخرى مثل المكسيك التي ستشهد انتخابات رئاسية هذا العام، وهو الحدث الذي ستستخدمه الجماهير للتعبير عن سخطها وتعبها من همجية الرأسمالية.

فنزويلا

يبدو أن محاولة الأوليغارشية الفنزويلية، المدعومة من طرف الإمبريالية، للإطاحة بحكومة مادورو قد هُزمت في الوقت الراهن. إن أخطاء وتذبذبات قيادة المعارضة، فضلاً عن رد فعل الجماهير، التي خرجت بقوة خلال انتخابات الجمعية التأسيسية، في يوليوز 2017، قد وضعت نهاية مؤقتة لهجوم المعارضة خلال النصف الأول من العام الحالي. لكن هذا لم يغير أي شيء أساسي بخصوص الأزمة الاقتصادية أو سياسات الحكومة.

مازالت فنزويلا غارقة في ركود عميق، مع تضخم مفرط وتراجع سريع في احتياطيات العملات الأجنبية، وهو ما له تأثير سلبي للغاية على مستويات معيشة الجماهير، بينما تواصل الإمبريالية تشديد الخناق بفرض عقوبات مالية. أما الحكومة فتواصل سياسة تقديم التنازلات للرأسماليين والتفاوض مع ممثلي المعارضة. هدفها الوحيد هو البقاء في السلطة. لقد فتحت الهزيمة المؤقتة التي تعرضت لها المعارضة الباب أمام تصاعد التقاطب الداخلي بين صفوف الحركة البوليفارية. وقد شهدنا مظاهرات للعمال وبروز مرشحين يساريين لمنافسة المرشحين الرسميين في الانتخابات البلدية.

موقفنا واضح: إننا نعارض محاولات المعارضة الإطاحة بحكومة مادورو، لأن ذلك سيكون بمثابة كارثة على الجماهير. لكننا، في الوقت نفسه، لا ندعم سياسات الحكومة، التي تقود مباشرة إلى الكارثة وإلى هزيمة الثورة البوليفارية.

هناك مزاج متزايد من النقد تجاه القيادة البوليفارية، التي لا تتمتع بنفس النفوذ الذي كان يتمتع به هوغو تشافيز. وقد كان قرار إدواردو سامان، الوزير السابق الذي برز باعتباره رائدا لمحاولات فرض الرقابة العمالية ومعارضة الشركات الكبرى والشركات الرأسمالية متعددة الجنسيات، أن يترشح في الانتخابات البلدية، في دجنبر 2017، مؤشرا واضحا على هذا المزاج المتغير.

وعلى الرغم من أنه كان من الواضح دائماً أن البيروقراطية مصممة على تخريب حملة سامان، فإنها كانت نقطة تحول تفتح إمكانيات جديدة للتيار الماركسي في فنزويلا.

الهند وباكستان

جاء ناريندرا مودي إلى السلطة، في عام 2014، على خلفية خيبة أمل واسعة النطاق في حزب المؤتمر، سواء من جانب الجماهير أو فئة من البرجوازية نفسها. لكنه لم يتمكن من إرضاء أي من القوى التي جلبته إلى السلطة. كان الهدف من سياسة إلغاء تداول بعض العملات الورقية والإصلاح الضريبي فيما يخص السلع والخدمات، تنشيط قطاع الأعمال، لكن ما حدث بدلاً من ذلك هو المزيد من إضعاف الاقتصاد، الذي انخفض من معدلات نمو أعلى من 9% إلى أقل من 7% في عام 2017.

لقد أفسحت تلك الفترة الوجيزة من النمو المرتفع، خلال 2014 و2016، المجال الآن إلى تباطؤ اقتصادي حاد. بل حتى خلال فترة النمو السريع تلك كانت البطالة تعرف ارتفاعا وأطلق مودي سلسلة كاملة من الهجمات على الحركة العمالية. كانت النتيجة زيادة في حدة الصراع الطبقي. لقد خرج كل من الطلاب والفلاحين والعمال إلى الشوارع. وفي شتنبر 2016، شارك أكثر من 180 مليون عامل في إضراب عام، أي أكثر بحوالي 50% من الإضراب العام المماثل الذي تم تنظيمه قبل عام.

وفي كشمير أيضا خرجت الجماهير إلى الشوارع في حركة هزت الحكومة، التي لم تنجح في إخضاعها مؤقتا إلا باستخدام القمع الشديد. ومع ذلك فقد كان للحركة تأثير معين في بقية البلاد، ولا سيما بين الطلاب.

حاول مودي صرف الانتباه عن هذه التطورات عن طريق استغلال النزعة الطائفية الهندوسية، لكن هذه المناورة لا يمكنها أن تنجح إلا لفترة محدودة، إذ ستقضي عليها، عند نقطة معينة، الحركة العمالية الصاعدة.

ترتبط الأحداث في باكستان والهند ارتباطا وثيقا. وتوجد للطبقة الحاكمة الهندية والباكستانية مصلحة مشتركة في الحفاظ على حالة الصراع بين البلدين من أجل تحويل انتباه الجماهير عن مشاكلها. لكن موقف الطبقة الحاكمة الباكستانية ضعيف بشكل متزايد.

وفي الوقت الذي بدأت الولايات المتحدة تسحب فيه مساعدتها للنظام، بدأت الصين في التدخل. توجد لدى الصينيين مصلحة خاصة في باكستان باعتبارها حليفا وحاجزا ضد الهند، فضلا عن كونها قاعدة لعملياتهم البحرية التجارية والعسكرية في المحيط الهندي. لكن الاستثمارات الصينية لا تخلق الوظائف أو تحل التناقضات الموجودة في المجتمع.

لقد أصبحت المسألة القومية أكثر تفاقما، والوجود الصيني، في أماكن مثل بلوشستان، لا يعمل سوى على زيادة تفاقم الطائفية التي هي مجرد غطاء لحروب الوكالة الدامية بين قوى خارجية متصارعة (أمريكا، الصين، السعودية، إيران...). لا يمر يوم إلا ويزداد انفضاح السياسات الرجعية للطبقة الحاكمة في نظر الجماهير التي تشعر بالازدراء تجاه النخبة المتعفنة التي تحكم وتنهب البلد.

لعب قادة حزب الشعب الباكستاني، في الماضي، دورا مهما في توجيه غضب الجماهير، مستندين على تقاليد النضال لأواخر الستينيات تحت حكم علي بوتو. لكن وبعد فترات طويلة في الحكومة وتنفيذ سياسات التقشف، صار حزب الشعب الباكستاني غارقا في الفساد وفقد مصداقيته إلى حد كبير. وهذا ما سمح لرابطة شريف الإسلامية بالعودة. شريف بدوره ينفضح الآن أمام أعين الجماهير بكونه سياسي برجوازي فاسد ليس لديه ما يقدمه لها.

هناك مزاج متنام من الرفض تجاه جميع السياسيين، الذين ينظر إليهم على أنهم مجرد عصابات من المنتفعين وأعداء الطبقة العاملة والفقراء. لو حدث هذا في الماضي لكان الجيش سيتحرك لأخذ السلطة، لكنه في الوقت الحالي منقسم ومحبط. والجنرالات مترددون في قبول مسؤولية معالجة الفوضى. هذا هو السياق الذي نشهد فيه بداية نضالات العمال والشباب.

إفريقيا

في جنوب أفريقيا تسببت العديد من سنوات الصراع الطبقي المتصاعد في تحطيم التحالف الثلاثي (المؤتمر الوطني الإفريقي، والحزب الشيوعي، و مؤتمر نقابات عمال جنوب إفريقيا) وقد أدت الإضرابات العمالية وحركات الشباب في الجامعات إلى ظهور "مقاتلي الحرية الاقتصادية" وحركة نقابية عمالية جديدة بقيادة الاتحاد الوطني لعمال المعادن. وعلى الرغم من أن الحركة قد تراجعت مؤقتا، فإنها تسببت للنظام في آثار جدية.

إن الأزمة الاقتصادية والسخط الجماهيري والنهب الوقح لموارد الدولة من قبل النخبة السوداء المتحلقة حول زوما وعائلة غوبتا، كلها عوامل تزعزع استقرار الوضع وتقوض نفوذ حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. والبورجوازية الكبيرة، التي تعاونت مع مانديلا لتحقيق الاستقرار بعد الأحداث الثورية خلال الثمانينيات والتسعينيات، قد دخلت في صراع مع طبقة الأثرياء الجدد والزمرة الحاكمة المتحلقة حول زوما.

لكن الطبقة السائدة، من ناحية أخرى، لا تستطيع التخلي عن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لأنها لا تمتلك حزبا بديلا لضمان استقرار الوضع. ولأن جناح زوما كان على علم بذلك، فقد استمر يرفع التحدي بشكل متهور في لعبة خطرة. يمكن لهذا الانقسام المفتوح بين المعسكرين والانقسام المحتمل داخل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أن تكون له عواقب ثورية بالنسبة للبلد الذي يملك أكبر اقتصاد في إفريقيا.

أما في نيجيريا، فبعد التصاعد الهائل الذي عرفه الصراع الطبقي في يناير 2012، تعرض حزب الشعب الديمقراطي، الذي كان يعتبر الدعامة الرئيسية للسيطرة البرجوازية، لفقدان مصداقيته في نظر الجماهير. هذا هو السبب الذي دفع البرجوازيين إلى أن يصنعوا بسرعة حزبا جديدا، حزب المؤتمر، الذي هو في الواقع انصهار لأحزاب صغيرة، ووضعوا على رأسه بوخاري، الذي اعتبروه مرشحا جيدا لحشد الدعم بين جموع السكان وإيقاف التجذر المتصاعد.

كانت هذه المناورة ممكنة لأن قادة النقابة الرئيسية، المؤتمر النيجيري للشغل، وبدلاً من البناء على أساس حركة 2012، نزلوا بكل ثقلهم لكبح تلك الحركة، بينما رفضوا في الوقت نفسه بناء حزب مستقل للطبقة العاملة. ذلك الفراغ الذي تركه القادة العماليون هو الذي مكن بوخاري من التقدم. لكن وعلى الرغم من كل هذا لم يتم حل أي من المشاكل الحارقة التي تواجه الجماهير النيجيرية. وقد ظهر ذلك مؤخرا في تصاعد المطالب بجمهورية بيافران في الجنوب الشرقي، والتي على الرغم من سحقها على يد الجيش، فإنها تكشف عن التوترات الكامنة داخل المجتمع النيجيري. وبمجرد ما ستتبدد آخر بقايا الأوهام في بوخاري، سنشهد عودة الصراع الطبقي على نطاق أوسع مما حدث في عام 2012.

في غرب ووسط أفريقيا شهدنا خلال الفترة الأخيرة تصاعدا حادا في الحركات الجماهيرية ضد البورجوازية المحلية الفاسدة والاستغلالية. كانت تلك حركات هائلة امتدت على فترات طويلة وحشدت ملايين الناس، مثل الانتفاضة البطولية في بوركينا فاسو، هذا في الوقت الذي تعاني فيه الاقتصادات الهشة لتلك البلدان بشدة من الأزمة الاقتصادية العالمية. كانت الهجمات التي شنتها الأنظمة الضعيفة مؤخرا على الحقوق الديمقراطية، في توغو وجمهورية الكونغو الديمقراطية، بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. ويربط الشباب على وجه الخصوص بين الاضطهاد الذي يعيشونه وبين تلك الحكومات المنحطة. إن البؤس المنتشر في المنطقة، وكذلك الدور المخادع الذي يلعبه زعماء المعارضة البورجوازيين، الذين همهم الوحيد هو أن يحلوا محل رؤساء النظام، يؤكدان صحة نظرية الثورة الدائمة والحاجة إلى بناء منظمة ثورية أممية. لكن وبسبب انعدام قيادة كفاحية، تراجعت الحركة بعد تلك الموجة الهائلة من النهوض الجماهيري. والاستنتاج الوحيد الذي يمكن للجماهير استخلاصه من كل هذا هو أنه لا يمكنها أن تثق في القيادة القديمة. فقط النظرية الماركسية والتنظيم الثوري من يمكنهما أن يحطما هذا المأزق.